وسط مشهد ضبابي.. الأزمة السياسية في فرنسا تدفع مستشاري الحكومة إلى مغادرة مناصبهم
وسط مشهد ضبابي.. الأزمة السياسية في فرنسا تدفع مستشاري الحكومة إلى مغادرة مناصبهم
أفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية بأن عدداً من مستشاري الوزراء ومساعديهم في الحكومة الفرنسية بدؤوا البحث عن فرص عمل خارج القطاع العام، في ظل الأزمة السياسية العميقة التي تشهدها البلاد منذ أسابيع.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها، اليوم السبت، إلى أن حالة الإحباط والاستنزاف السياسي باتت تهيمن على معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد سلسلة من الاستقالات والانقسامات الداخلية التي عمّقت الشعور بعدم الاستقرار داخل الحكومة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية قولها إن الأجواء في قصر "ماتينيون" ومكاتب الوزراء توصف حالياً بأنها "قاتمة ومليئة بالتوجس"، خصوصاً بعد استقالة غيوم لوكورنو من رئاسة الوزراء في السادس من أكتوبر، بعد 27 يوماً فقط من توليه المنصب.
وأكدت المصادر أن العديد من المسؤولين يرسلون سيرهم الذاتية إلى شركات خاصة ومؤسسات استشارية دولية، في محاولة للهروب من حالة الغموض التي تخيم على المشهد السياسي الفرنسي.
انهيار التحالف الحاكم
ذكّرت "فاينانشال تايمز" أن قرار حل الجمعية الوطنية في عام 2024 كان بداية الانحدار، إذ اعتبره كثير من المستشارين "خطأً فادحاً" أدى إلى انقسام التحالف الداعم لماكرون وإضعاف قدرة الحكومة على تمرير التشريعات.
وقال أحد المصادر إن "الذين دافعوا وقتها عن القرار كانوا يعتقدون أنه ضروري لاحتواء صعود اليمين المتطرف، لكن تلك الطاقة السياسية التي كانت تدفعهم قد تبخرت الآن بالكامل".
تأتي استقالة لوكورنو التي وصفتها وسائل الإعلام الفرنسية بأنها "ضربة قاسية لماكرون"، لتفتح الباب أمام أزمة سياسية غير مسبوقة منذ عقود، مع فشل متكرر في تشكيل حكومة مستقرة.
وذكرت تقارير فرنسية أن خمسة رؤساء حكومات تعاقبوا على المنصب منذ إعادة انتخاب ماكرون عام 2022، ما يعكس حالة من الاضطراب السياسي والمؤسسي داخل الدولة.
وأكدت مصادر مقربة من الإليزيه أن الرئيس ماكرون يعتزم إجراء مشاورات جديدة مع مختلف القوى السياسية لمحاولة تشكيل حكومة قادرة على استعادة الثقة، إلا أن الانقسامات الحادة بين الأحزاب تجعل من هذه المهمة شبه مستحيلة.
ضغوط داخلية وخارجية
تتزامن الأزمة الحكومية مع احتقان شعبي متصاعد بسبب السياسات الاقتصادية، وارتفاع نسب البطالة والتضخم، إضافة إلى تراجع شعبية ماكرون في استطلاعات الرأي، حيث لم يعد يحظى سوى بدعم نحو 25% من الناخبين وفق أحدث الاستطلاعات.
ويواجه الرئيس ماكرون انتقادات من حلفائه الأوروبيين بشأن ضعف الدور الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي في ظل حالة عدم الاستقرار الداخلي.
ويرى مراقبون سياسيون أن فرنسا تمر بمرحلة إرهاق سياسي خطير، إذ تآكلت صورة الحكومة بوصفها مركز قوة في أوروبا، وتراجعت قدرة ماكرون على ضبط التوازن بين أجنحة المعسكر الحاكم.
ويخشى كثيرون أن يؤدي استمرار الفراغ الحكومي إلى دعوات متزايدة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قد تعيد رسم المشهد السياسي بالكامل.